فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولكن المؤمن الحق هو من يعرف أن الحياة الدنيا طريق العبور إلى الآخرة، وأنها رحلة قصيرة تنتهي، فلا يهتم بهذا اللون من الاحتياط، ولكن الذي يحرص على عملية الاحتياط هذه هو من يظن أن الحياة الدنيا هي الغاية من الخلق، ولا يتنبه إلى أنه وسيلة للآخرة.
إننا نجد أولئك الذين يسرفون على أنفسهم ويتبعون شهواتهم وهم يحاولون أن يأخذوا من الدنيا كل شيء يمكن أن تعطيه لهم حلالًا أو حرامًا، وهذا واضح في سلوكهم الدنيوي.
أما المؤمن فهو كالطالب الذي يَجِدُّ في دروسه ويجتهد ويستيقظ مبكرًا ويذهب إلى المدرسة، ويظل ساهرًا ليذاكر ويحرم نفسه من مُتَعٍ كثيرة؛ لأنه بفطنته وذكائه يعرف أن هذا حرمان مؤقت. وهو إنما يفعل ذلك لفترة قصيرة ليستريح بقية العمر، ويحصل على المركز المرموق والدخل المرتفع إلى آخر ما يمكن أن يعطيه له المستقبل. أما المسرف على نفسه فهو كالطالب الذي لا يذهب إلى المدرسة ويقضي وقته في اللعب والاستمتاع، وهو بمثل هذا السلوك كان قصير النظر، وأعطى لنفسه شهوة عاجلة ليظل في معاناة بقية حياته.
إذن: فكل من الطالبين أعطى نفسه ما تريد؛ الأول: أعطى نفسه مستقبلًا مريحًا ممتدًّا، وصار قمة من قمم المجتمع، والثاني: أعطى نفسه متعة عاجلة زائلة، ثم صار بعد سنوات قليلة صعلوكًا في المجتمع لا يساوي شيئًا.
إذن: فإياك أن تنظر تحت أقدامك فقط؛ لأن العالم لا ينتهي عند موقع وقوف قدميك هاتين، ولكنه ممتد إلى آفاق بعيدة، فإذا نظرتَ إلى هذه الآفاق، فلا يليق بك أن تختار متعة وقتية قليلة.
وقول الحق سبحانه: {يا أيها الذين آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفروا فِي سَبِيلِ الله اثاقلتم إِلَى الأرض أَرَضِيتُمْ بالحياة الدنيا مِنَ الآخرة فَمَا مَتَاعُ الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ} [التوبة: 38].
نزل في غزوة تبوك، وهي أول غزوة للمسلمين مع غير العرب، وسبقتْها كل المعارك بين المسلمين وبين الكفار والمشركين، ودارت على أرض الجزيرة العربية معارك مع المشركين في بدر أو في مكة، أو مع اليهود في مجتمع المدينة، فقد كانت هذه معارك في محيط الجزيرة العربية، ولكن غزوة تبوك كانت مع الروم على الحدود الشمالية للجزيرة العربية. وحينما بدأ تجهيز الجيش ليذهب إلى تبوك لمحاربة الروم تثاقل المسلمون. وهنا يبرز استفهام: كيف يحارب المسلمون الروم، وهم الذين حزنوا حين انتصر الفرس على الروم؟ أيحزن المسلمون لهزيمة الروم ثم يذهبون ليحاربوهم؟
نقول: نعم؛ لأن المواقف الإيمانية ليست مواقف في قالب من حديد، ولكنها تتكيف تبعًا لمواقف الكفار من الإيمان والإسلام.
ولذلك فإن المؤمن الحق ينفعل للأحداث انفعالًا إيمانيًا، وعلى سبيل المثال، نجد قلب سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه مملوءًا رقة ورحمة، بينما قلب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مملوءًا قوة وحزمًا، انظر إلى موقف الاثنين عندما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى؛ وارتد عدد من المسلمين عن الإسلام، ومنعوا الزكاة؛ وقرر أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يحارب هؤلاء المرتدين؛ لأنهم أنكروا ركنًا من أركان الإسلام، هنا وقف عمر بن الخطاب ضد رأي أبي بكر وقال: يا أبا بكر أنحارب أناسًا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فقال أبو بكر: أجبار يا عمر في الجاهلية خوّار في الإسلام؟ والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه.
وهكذا انقلبت المواقف؛ فالقوة والشدة ملأت قلب أبي بكر الذي كان مشهورًا بالرقة والرحمة والعطف، بينما امتلأ قلب عمر باللين، وهو المشهور بالشدة والقوة. ولو أن عمر هو الذي قال كلمة أبي بكر لقالوا: شدة ألفها الناس من عمر.
ولكن الناس قالوا عن عمر الشديد: قد لاَنَ قلبه بينما اشتد قلب أبي بكر. هذه هي المواقف الإيمانية التي تملأ نفس كل مؤمن. فالذي يصنع موقف المؤمن هو إيمانه لا طبعه؛ ولذلك قال الحق في وصفه للمؤمنين: {فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين...} [المائدة: 54].
وكيف يكون الإنسان عزيزًا وذليلًا في الوقت نفسه؟ وكيف يوصف الشخص نفسه بأنه عزيز وذليل؟ وكيف يمكن أن يجتمع النقيضان في شخص واحد؟ لكنك تقرأ ما يطمئنك في قول الحق: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكفار رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ...} [الفتح: 29].
لقد وصف الحق سبحانه المؤمنين بأنهم أشداء، ووصفهم أيضًا بأنهم رحماء، ولكي تفهم هذا المعنى عليك أن تعلم أن المواقف الإيمانية هي التي تحدد مشاعر المؤمن، ولا تحددها طباعه الخاصة والشخصية، وهو يُكيِّف مواقفه حسب الموقف الإيماني وما يتطلبه، فهو شديد ورحيم، وذليل وعزيز.
ونعود إلى غزوة تبوك التي نزلت فيها الآية التي نتناولها بخواطرنا وإلى السؤال: كيف يحارب المسلمون الروم، وقد حزنوا يوم هزيمة الروم من الفرس؟ ونقول: لقد حزن المسلمون لأن إلحادًا ينكر الألوهية قد انتصر على إيمان مرتبط برسالات السماء؛ ولأن الروم- وهم نصارى- مرتبطون برسالات السماء. ولذلك فهم أقرب إلى قلوب المؤمنين من الكفار، إذن: فالمسألة قد أُخِذَتْ من ناحية الوجود الإلهي. أما في غزوة تبوك فقد أُخِذَتْ من ناحية قبول المنهج الناسخ ومنع الدعوة له، ولهذا تحول الموقف في غزوة تبوك إلى عداء إيماني، وهذا هو السبب الذي أدَّى إلى الحرب.
فإذا نظرنا إلى الغزوة نفسها نجد أن تبوك تبعد عن المدينة بمسافة كبيرة، ووقت الغزوة كان صيفًا شديد الحرارة، كما أنها كانت بعد غزوة حنين التي قاتل المؤمنون فيها قتالًا شديدًا.
وكان العام عام عسرة، فلم يكن مع الجيش ما يكفيه من طعام أو خيل أو جمال.
إذن: فقد اجتمعت المشقة في هذه الغزوة؛ مع حرارة الجو؛ وبُعْد المسافة، وكانت قوى المسلمين مُنْهكَة من غزوة حنين. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الخروج لغزوة، لا يخبر عنها أصحابه إلا عندما يصلون إلى مكان القتال؛ إلا هذه الغزوة فقد بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته قبل أن يغادروا المدينة؛ لكي يستعدوا للمشقة التي تنتظرهم. وتباطأ المسلمون، وبعضهم كان يستمتع بالجلوس في ظل البساتين الموجود في المدينة ويأكل من ثمارها. واستطاب- هذا البعض- الثمار والظلال؛ لذلك تباطأوا في الذهاب إلى القتال، فنزلت هذه الآية ببيان اللوم. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ}
أخرج سنيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا...} الآية.
قال: هذا حين أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح، وحنين أمرهم بالنفير في الصيف حين خرقت الأرض فطابت الثمار واشتهوا الظلال وشق عليهم المخرج، فأنزل الله سبحانه وتعالى: {انفروا خفافًا وثقالًا} [التوبة: 41].
قوله تعالى: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}
وأخرج الحاكم وصححه عن المستور رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فتذاكروا الدنيا والآخرة فقال بعضهم: إنما الدنيا بلاغ للآخرة، فيها العمل وفيها الصلاة وفيها الزكاة، وقالت طائفة منهم: الآخرة فيها الجنة. وقالوا ما شاء الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل أصبعه فيه فما خرج منه فهي الدنيا».
وأخرجه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة عن المستور بن شداد رضي الله عنه قال: كنت في ركب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر بسخلة ميتة فقال: «أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها» قالوا: من هوانها ألقوها يا رسول الله قال: «فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها».
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جعل الدنيا قليلًا وما بقي منها إلا القليل، كالثعلب في الغدير شرب صفوه وبقي كدره».
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخل عمر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول الله لو اتخذت فرشًا أوثر من هذا؟ فقال: «ما لي وللدنيا وما للدنيا وما لي، والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة، ثم راح وتركها».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن ماجة والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نام على حصير فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا يا رسول الله: لو اتخذنا لك؟ فقال: «ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها».
وأخرج الحاكم وصححه عن سهل رضي الله عنه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة فرأى شاة شائلة برجلها فقال: «أترون هذه الشاة هينة على صاحبها؟» قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: «والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها، ولو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقي الكافر منها شربة ماء».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضرَّ بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي الدنيا في كتاب المنامات والحاكم وصححه والبيهقي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور في جوها، فالله الله في اخوانكم من أهل القبور، فإن أعمالكم تعرض عليهم».
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله عبدًا حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه الماء».
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حلوة الدنيا مرة الآخرة، ومرة الدنيا حلوة الآخرة».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي حجيفة قال: أكلت لحمًا كثيرًا وثريدًا، ثم جئت فقعدت قبال النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ، فقال: «أقصر من جشائك، فإن أكثر الناس شبعًا في الدنيا أكثرهم جوعًا في الآخرة».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة إن أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، ولا تستخلقي ثوبًا حتى ترقعيه، وإياك ومجالسة الأغنياء».
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن سعد بن طارق رضي الله عنه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمت الدار الدنيا لمن تزوّد منها لآخرته حتى يرضي ربه، وبئست الدار لمن صدته عن آخرته وقصرت به عن رضا ربه، وإذا قال العبد: قبَّح الله الدنيا. قالت الدنيا: قبح الله أعصانا لربه».
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ رجلًا فقال: «ازهد الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس».
وأخرج أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وسننه، فإذا خرج من الدنيا فارق السجن والسنة».
وأخرج الحاكم والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم».
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن الأعمش عن أبي سفيان رضي الله عنه عن أشياخه قال: دخل سعد رضي الله عنه على سلمان يعوده، فبكى فقال سعد: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض، وترد عليه الحوض، وتلقى أصحابك.
قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهدًا قال: «ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» وحولي هذه الأساودة، وإنما حوله اجانة وجفنة ومطهرة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همهم إلا الدنيا، ليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم».
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصًا، ولا يزدادون من الله إلا بعدًا».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سفيان قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري قال: لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح ذبابة ما سقى منها كافرًا شربة ماء.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن المستورد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ثم يرفعها فلينظر ثم يرجع».
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي عثمان النهدي قال: قلت يا أبا هريرة: سمعت اخواني بالبصرة يزعمون أنك تقول: سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة؟ فقال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة، ثم تلا هذه الآية: {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} فالدنيا ما مضى منها إلى ما بقي منها عند الله قليل، وقال: {من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرة} [البقرة: 245] فكيف الكثير عند الله تعالى إذا كانت الدنيا ما مضى منها وما بقي عند الله قليل».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله: {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} كزاد الراعي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حازم قال: لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال: ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه، فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال: أمالي كثير ما أخلف من الدنيا إلا هذا؟ ثم ولى ظهره وبكى وقال: أف لك من دار إن كان كثيرك القليل، وإن كان قليلك الكثير، وإن كنا منك لفي غرور. اهـ.